تسارع التضخم في السعودية وتأثيره على قطاعات السكن والأغذية والنقل والخدمات الاستهلاكية

شهد معدل التضخم في السعودية تسارعاً خلال شهر يونيو من العام الجاري، مسجلاً 2.3% على أساس سنوي. يأتي هذا الارتفاع على الرغم من تباطؤ وتيرة نمو الأسعار في عدد من القطاعات الرئيسية، مما يشير إلى ديناميكيات معقدة تؤثر على القوة الشرائية للمستهلكين.
السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود: تباطؤ نسبي لكن التأثير مستمر
يُعد قطاع السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود من القطاعات الأكثر تأثيراً في المؤشر العام للتضخم. في يونيو، تباطأت معدلات أسعار هذا القطاع لتسجل 6.5%. وعلى الرغم من هذا التباطؤ، فإن إيجارات المساكن، التي تشكل جزءاً كبيراً من هذا القطاع، سجلت نمواً بنسبة 7.6% على أساس سنوي. هذا النمو هو الأدنى منذ 30 شهراً، وقد جاء مدعوماً بتراجع في معدلات الأسعار بالرياض إلى أدنى مستوى لها خلال 18 شهراً. هذا التباطؤ في الإيجارات ساهم في تخفيف جزء من الضغوط التضخمية الكلية.
الأغذية والمشروبات: ثاني أكبر مؤثر يشهد تباطؤاً
يحتل قطاع الأغذية والمشروبات المرتبة الثانية من حيث الوزن والتأثير في سلة التضخم في السعودية بعد قطاع السكن. وقد شهد هذا القطاع تباطؤاً في نمو أسعاره إلى 1.8% في مايو، مما ساهم في تحسن نسبي للضغوط التضخمية العامة.
النقل: تباطؤ أسعار المركبات يكبح الضغوط
يُعتبر قطاع النقل ثالث أكبر مؤثر في المؤشر العام للتضخم. في يونيو، سجل هذا القطاع تباطؤاً بمعدل -0.7%. ويعزى هذا التباطؤ بشكل رئيسي إلى تراجع معدلات أسعار المركبات بنسبة -1.7%، مما أسهم في كبح جزء من الضغوط التضخمية الكلية.
تأثير التضخم على قطاع الخدمات الاستهلاكية
بالتزامن مع التغيرات في القطاعات الرئيسية المذكورة، يشير التقرير إلى أن “الضغوط المتزايدة في قطاعات أخرى مثل النقل والخدمات الشخصية لا تزال تؤدي دوراً مؤثراً في تحركات المؤشر العام”. هذا يدل على أن قطاع الخدمات الاستهلاكية، والذي تندرج ضمنه الخدمات الشخصية، يتأثر بارتفاع التضخم ويساهم بدوره في دفع المؤشر العام صعوداً، مما يعكس زيادة في تكلفة تقديم هذه الخدمات أو زيادة الطلب عليها بأسعار أعلى.
التضخم في السعودية في المدن: تباين واضح
على مستوى المدن، تصدرت مكة المكرمة تضخم المدن للشهر الثالث على التوالي في يونيو، بنسبة 3.7%. في المقابل، سجلت بريدة تضخماً سلبياً بنسبة 1.2%، بينما كانت أبها الأعلى تراجعاً في مؤشر الأسعار بنسبة -10%. في المقابل، تصدرت جدة المدن الأعلى ارتفاعاً بمعدل 8.4%.
تحليل فني لقطاع الخدمات الاستهلاكية السعودي: اتجاه هابط ومحاولات للتعافي
في البداية، عندما ننظر بتمعن إلى الرسم البياني لقطاع الخدمات الاستهلاكية في السوق السعودي، فإننا نلاحظ أن القطاع قد شهد اتجاهًا هابطًا واضحًا على المدى المتوسط والطويل. يتداول السعر حاليًا ضمن قناة سعرية هابطة، وقد شهد ارتدادًا صعوديًا من قاع القناة قرب مستوى 3,800 نقطة. يتداول السعر حالياً عند 4,338.810 نقطة، ويظهر محاولة للتعافي بعد هذا الارتداد.
أما عن المقاومة الفورية، فيواجه قطاع الخدمات الاستهلاكية مقاومة قوية عند مستوى 4,476.170 نقطة، والتي تتزامن مع خط الاتجاه الهابط العلوي للقناة. تُعد هذه المنطقة حاسمة، حيث أن اختراقها والإغلاق فوقها سيشير إلى احتمالية تغيير في الاتجاه العام للقطاع نحو الصعود. المقاومات الرئيسية التالية تقع عند 4,688.200 نقطة ثم 5,175.730 نقطة. المقاومة الأهم والأبعد تكمن عند 5,462.890 نقطة و 5,801.240 نقطة وصولاً إلى القمة السابقة عند 6,021.570 نقطة.
من جهة أخرى، وعند الحديث عن الدعم، يقع الدعم الفوري لقطاع الخدمات الاستهلاكية عند مستوى 4,280.760 نقطة ثم 4,230.885 نقطة. تُعد هذه المناطق أولى مناطق الطلب بعد الارتداد الأخير. الدعم الرئيسي يقع عند القاع الأخير للقناة الهابطة قرب 3,800 نقطة ثم مستوى 3,607.380 نقطة. كسر هذه المستويات الأخيرة قد يعيد القطاع إلى مساره الهابط بقوة.
وبالانتقال إلى المؤشرات الفنية، فإننا نجد مؤشر القوة النسبية (RSI) يتداول حاليًا عند 61.68، مما يشير إلى زخم إيجابي قوي يميل نحو التشبع الشرائي. هذا يدل على سيطرة المشترين في الفترة الأخيرة، لكنه قد يشير أيضاً إلى احتمالية تصحيح وشيك لتبريد المؤشر. كذلك، نلاحظ أن السعر قد تجاوز المتوسطات المتحركة على المدى القصير، مما يؤكد الاتجاه الصاعد الحالي.

الترجيح المستقبلي لحركة قطاع الخدمات الاستهلاكية
بناءً على كل هذه المعطيات، فإن الترجيح المستقبلي لحركة قطاع الخدمات الاستهلاكية يميل نحو استمرار محاولة الارتداد الصاعد بعد التعافي من قاع القناة الهابطة. القطاع يواجه تحديات عند مستوى المقاومة الحالية 4,476.170 نقطة والتي تتزامن مع خط الاتجاه الهابط. ولذلك، فمن المتوقع أن يختبر السعر هذه المنطقة. ومع ذلك، يجب علينا مراقبة تفاعل السعر مع هذه المستويات بحذر شديد؛ فإذا تمكن القطاع من اختراق مستوى 4,476.170 نقطة، سيؤكد ذلك قوة الارتداد وقد يدفع القطاع نحو مستويات أعلى باتجاه 4,688.200 نقطة وما فوق. بينما في حال الفشل في اختراق هذه المقاومة والارتداد منها، أو كسر منطقة الدعم 4,280.760 نقطة، سيشير ذلك إلى ضعف الارتداد وقد يعيد القطاع لاختبار مناطق الدعم الأدنى.